روائع مختارة | روضة الدعاة | تاريخ وحضارة | حصار دماج والحقد الصفوي.. بين الماضي والحاضر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > تاريخ وحضارة > حصار دماج والحقد الصفوي.. بين الماضي والحاضر


  حصار دماج والحقد الصفوي.. بين الماضي والحاضر
     عدد مرات المشاهدة: 3025        عدد مرات الإرسال: 0

باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:

ففي هذه الأثناء تمر على إخواننا في دار الحديث وقلعة العلم بـ"دماج" أيام عصيبة، حيث يحاصر الحوثيون الرافضة هذه القرية الصغيرة في محافظة صعدة، والتي تبعد حوالي سبعة كيلو مترات في الجنوب الشرقي من مدينة صعدة.
 
دار العلم في دماج هي دار أسسها العلامة مقبل بن هادي الوادعي بعد عودته من المملكة العربية السعودية.

وكانت في البداية دار صغيرة بنيت من الطين، ولكن بفضل الله ثم بفضل الجهود الجبارة التي بذلها الشيخ-رحمه الله- من الصبر على الدعوة وتحمل الأذى من بني جلدته[1].

فقد بارك الله بهذا الجهد وكبرت الدار وزاد نشاطها، حتى أمَّها الطلاب من كافة أنحاء العالم لطلب العلم والحديث، وتخرج فيها الكثير من العلماء وطلبة العلم سواء في اليمن أو خارجها، ومنهم ذو شهرة واسعة وأسماء لامعة.
 
وبعد وفاة الشيخ مقبل الوادعي-رحمه الله- استمرت تلك الدار بنشر علوم السنة المطهرة لكل طالب ووافد دون كلل أو ملل. لكن تلك الحركة الحوثية التي تربت قياداتها في إيران لم يرق لها ذلك؛ إذ على بُعد أمتار معدودة من معقلها في صعدة تدرس علوم السنة ويُترضَّى على أبي بكر وعمر.

فحاولت تلك الحركة الباطنية المارقة فرض الحصار مع الهجوم المسلح؛ لاجتثاث أهل السنة من تلك المنطقة ليخلو لهم الجو دون منهج مقاوم أو منازع لفكرهم المنحرف.
 
إن الحركة الحوثية قد سارت في هذا العمل على نهج أسلافهم من الباطنية القرامطة والإسماعيلية في الفتك بأهل السنة كلما سنحت لهم الفرصة في ذلك، أو تمكنوا منهم، وهذا تاريخهم شاهد على تلك الجرائم التي ارتكبها القرامطة في بلد الله الحرام.

من قتل الحجيج في مكة وقلع الحجر الأسود، وكذلك جرائم البويهيين والإسماعيلية الفاطمية التي يندى لها الجبين. فعلى سبيل المثال من جرائمهم: روي أن عروس المؤذن (ت 317هـ) وكان مؤذنًا في أحد المساجد.

شهد عليه بعض الشيعة أنه لم يقل في أذانه "حي على خير العمل"، فكان جزاؤه أن قُطع لسانه ووضع بين عينه وطيف به في القيروان، ثم قُتل.

أما الإسماعيلية النزارية في بلاد الشام فحدِّث ولا حرج من فتكهم واغتيالهم لخيرة قادة المسلمين الذين تصدوا للعدوان الصليبي على بلاد المسلمين.
 
لقد منع الطعام والشراب عن دماج منذ أكثر من أربعين يومًا؛ حتى لا تدخل ولا حبة أرز أو بر واحدة، في ظل صمت عالمي مطبق على تلك الجريمة التي تحدث في القرن الواحد والعشرين.

وفي ظل تشدق كثير من المنظمات العالمية بشعار حقوق الإنسان!

هذا إذا علمنا أن كثيرًا من الجنسيات الغربيَّة هم من يقطنون في تلك المنطقة ويتلقون العلوم الشرعية، وقد قُتل قسم منهم-رحمهم الله- على أيدي الحوثيين.

والعجيب أنه عندما يُخطف سائح أو خبير أجنبي في المغرب العربي أو إفريقيا أو أفغانستان أو في اليمن نفسها تبدأ وسائل الإعلام ومعها السفارات والمنظمات الحقوقية مباشرة في تقصي الحقائق ونشر الخبر.

وهؤلاء الطلبة هم من نفس الجنسيات الأمريكية منها والأوربية، وقد قُتلوا على أيدي الحوثيين، ولكن دولهم لا تلقي لهم بالًا، ألا يثير ذلك العجب؟!
 
لقد وثَّق مجموعة من الصحفيين اليمنيين وصلوا إلى أرض دماج بشقِّ الأنفس وتعرضوا للتضييق والإهانات بل والتهديد، بل أُمر أحدهم أن يسجد لعبد الملك الحوثي أو صورته، كما ذكر ذلك الشيخ يحيى الحجوري في أحد دروسه[2].

وأخذت منهم ذاكرة الفيلم الذي صوروه في دماج! وبعد جولة ميدانية في أرض الحدث ذكر هؤلاء الإخوة الصحفيون الأمر المهول الذي شاهدوه من قلة الغذاء والدواء؛ فالبقالات فارغة، والمخازن لا تجد فيها كيس دقيق أو أرز، كما أن هناك نقصًا مخيفًا في الأدوية والعلاجات الطبية، ومن شدة القنص فإن بعض الأشخاص قد دفنوا في منازلهم، ولم يستطع ذووهم أن يدفنوهم في المقبرة[3].
 
كما أن الناس يتنقلون عبر سراديب قد حفرت خشية عمليات القنص من قبل الحوثيين، والتي لم تفرق بين رجل أو امرأة أو طفل! فقد قُنصت امرأة تحفظ كتاب الله كانت في طريقها إلى المركز أمام مصلى النساء[4].

كما أن الحجاج قد منعوا من حج بيت الله الحرام. ووجهت منظمتا هود والكرامة نداء عاجلًا من أجل السماح للمعونات الطبية والغذائية للوصول إلى قرابة ثلاثة آلاف أسرة يمنية، وطلاب أجانب يعانون من نقص كبير في الغذاء والدواء.

وهم في وضع صحي وإنساني غاية الصعوبة، ونتيجة لهذا الظرف المأساوي فقد مات أربعة أطفال من الجوع وسوء التغذية. ولشدة القنص؛ فإن شبابيك المسجد قد بنيت بالطابوق خشية تعرض طلبة العلم والمصلين لنيران القناصة[5].
 
إن هذه صورة مصغرة للكارثة الإنسانية التي تحدث الآن في دماج على سمع وبصر العالم. إن ممارسة كل الأساليب الدنيئة والسادية من القتل والتعذيب.

كذلك الخيانات قد مارسها الشيعة الباطنية في حق أهل السنة ومنذ نشوء تلك الفرق الضالة، ومن ضمنها استعمال أسلوب الحصار لاجتثاثهم بأسلوب الموت البطيء إن لم يستطيعوا اقتحام المكان الذي فيه أهل السنة.
 
وإليك أخي القارئ ذكر بعض الحوادث التي حاصرت فيها الشيعة الباطنية أهل السنة؛ لنعلم أن هذا الأسلوب القديم الجديد هو منهج مُتَّبع عند أولئك الباطنية المارقين:
 
1- حصار الفاطميين المتحالفين مع الفرنجة للإسكندرية، حيث تحصن بها صلاح الدين الأيوبي لمدة ثلاثة أشهر، وقد ضاقت عليهم الأقوات والحال جدًّا.
 
2- بعد سقوط بغداد على يد إسماعيل الصفوي والمجازر التي ارتكبها بحق أهل السنة من قتلٍ لعلمائهم وعامتهم ونبش لقبورهم، حتى إنه نبش قبر أبي حنيفة-رحمه الله- وجعله إسطبلًا للخيول! وبعد تحرير بغداد على يد القائد السني الكردي ذو الفقار بن علي، غضب شاه ايران "طهماسب" من سقوط بغداد بيد حلفاء العثمانيين.

فتوجه على رأس جرار إلى بغداد وحاصرها لعدة أسابيع إلا أنه لم يستطع دخولها إلا بخيانة، وبعد دخولها ارتكب مجازر في المدينة.
 
3- حصار بغداد على يد نادر قلي الصفوي: بعد الهزيمة المنكرة لطهماسب على يد أحمد باشا العثماني، عزل نادر قلي طهماسب وجهز حملة لغزو بغداد وأعد العدة والجيوش لذلك.

ولما وصل إلى بغداد طوقها من كل جهاتها، ولمناعة أسوارها وقوة الجيش المدافع لم يستطع دخولها، ولكن أصاب أهل بغداد البلاء العظيم من شحة المواد الغذائية وانتشار الأمراض فيها، فكان أهل بغداد يلقون جثث الموتى في نهر دجلة.

ولقلة الطعام أكل أهل بغداد القطط والكلاب وشربوا دماءها ومضغوا جلودها!! في حين كان يتنعم الجيش الإيراني المحاصر بألذ الأطعمة والأشربة، وبقي الحصار عدة أشهر إلى أن فتح الله على أهل السنة بهزيمة نادر قلي على يد القائد العثماني عثمان الأعرج، فقُتل من الجانب الإيراني قرابة ثلاثين ألف قتيل وأُسر ثلاثة آلاف، وفكَّ الحصار عن بغداد.
 
4- حصار الشاه عباس الكبير للمدن السنية: وكان يقتل أسرى العثمانيين والأوزبك، فإن لم يقتلهم سمّل عيونهم.

إلا إذا تخلى عن مذهبه فله حكم آخر. وكان أحيانًا يمثِّل بعلماء السُّنَّة فيقطع آذانهم وأنوفهم، وتعطى هذه الأعضاء لعوام السُّنَّة لأكلها. وكما كان يحاصر مدنًا سنية من أجل تسليمه شخص مطلوب، وإلا قَتَل المدينة كما فعل مع مدينة همدان[6].
 
5- حصار مخيم تل الزعتر على يد الجيش السوري النصيري: في عام 1976م قام الجيش السوري مع حزب الكتائب النصراني وبعض الحركات المارونية.

وبمساعدة الجيش اليهودي من البحر، بمحاصرة مخيم تل الزعتر الواقع في ضواحي بيروت الشرقية، والذي يقطنه قُرابة 17 ألف فلسطيني من أهل السنة، حيث دكت المدفعية الشيعية النصيرية الباطنية المخيم مع الهجومات المتكررة. دام الحصار لمدة 52 يومًا.

فمنعت الأدوية والأطعمة حتى رغيف الخبز، حتى لجأ السكان إلى أكل لحوم الأموات ولحوم القطط والكلاب؛ خوفًا من الموت جوعًا!! ونتيجة للقصف المتواصل استطاعت القوات المهاجمة من اجتياح المخيم وتمت مجزرة رهيبة به.

حيث انطلق المهاجمون كالوحوش الكاسرة ليذبحوا النساء والأطفال والشيوخ بالسكاكين، فوصل عدد القتلى إلى حوالي 6000 قتيل من أهل السنة وعدة آلاف من الجرحى ودُمِّر المخيم بالكامل.
 
6- حصار مدينة حماة عام 1982م: قامت القوات النصيرية بحصار مدينة حماة عام 1982م لمدة 27 يومًا، وتم قصفها بالمدفعية واجتياحها بعد ذلك، وقد ذهب جراء تلك العملية الهمجية عشرات الآلاف من القتلى غير المعتقلين.
 
7- حصار حركة أمل للمخيمات الفلسطينية في بيروت: حاصرت حركة أمل ومعها اللواء السادس الشيعي في الجيش اللبناني مخيم صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة في بيروت لمدة شهر مع القصف العنيف، كما هاجمت تلك القوات المستشفيات ودور العجزة، ومنعت عنهم قوافل الإغاثة من الهلال والصليب الأحمر، وقطعت إمدادات الماء والكهرباء عن المستشفيات[7]! ظل الجرحى من جراء المعارك ينزفون إلى الموت لعدم وجود من يسعفهم.

وقد شارك النظام النصيري السوري في تلك المعارك ضد الفلسطينيين السنة دعمًا لحركة أمل، وكانت خسائر الفلسطينيين حوالي 3100 بين قتيل وجريح وأكثر من 15 ألف مهجر، وتدمير حوالي 90% من المنازل هدمًا كليًّا أو جزئيًّا، وارتكبت بحقهم مجازر يندى لها الجبين بصمت من حكومة الملالي في إيران والحكومة النصيرية في سوريا[8].
 
8- حصار المليشيات الشيعية للمناطق السنية في بغداد: بعد تفجير المرقدين في سامراء عام 2006م هجمت المليشيات الشيعية على مساجد أهل السنة وأحيائهم في بغداد، تحت غطاء من القوات الأمريكية المتواجدة في بغداد، وكذلك انسحبت قوات الشرطة والجيش العراقيين من الشوارع ليخلو الجو لتلك المليشيات في سفك دماء أهل السنة وحرق مساجدهم.

حيث أحرق قرابة 200 مسجد سني في يوم واحد، أعقب تلك المجازر محاصرة الأحياء السنية في بغداد من قبل مليشيات جيش المهدي المدعومة من قبل الأجهزة الأمنية العراقية، فكان كل من يخرج من أهل السنة وتعرف هويته يتعرض للقتل بأبشع الصور بعد التعذيب!!

وكان أهل السنة لا يستطيعون دفن موتاهم في المقابر، ولا الذهاب للمستشفيات لمعالجة مرضاهم، واستمر هذا الحال لمدة سنة ونصف تقريبًا، مع الهجومات المتكررة على المناطق السنية من قبل تلك المليشيات.
 
9- حصار إخواننا الفلسطينيين في مجمع البلديات: في أثناء الهجوم على المساجد في بغداد بعد تفجير المرقدين، هاجمت قوات جيش المهدي جامع القدس في تلك المنطقة، ودافع الفلسطينيون عن المسجد والمجمع وقاموا بدحر القوات المهاجمة، ثم تتالت عمليات الهجوم على المجمع بعدها بين حين وآخر.

وكان بعض تلك الهجمات بمدافع الهاون التي استهدفت المسجد والمجمع، وقد استمر الحصار قرابة سنة ونصف مُنع الفلسطينيون فيه من مزاولة أعمالهم، وكذلك كانوا لا يستطيعون دفن موتاهم في المقابر سوى مقبرة الأعظمية السنية، وكان الفلسطيني لا يستطيع استلام الميت العائد إليه من المستشفيات، إضافة إلى عدم القدرة على معالجة المرضى في تلك المستشفيات.
 
10- محاصرة القوات النصيرية السورية لمدن أهل السنة في سوريا: تحاصر القوات النصيرية وفي هذه الأثناء المدن السنية في حماة وإدلب وحمص ودرعا، مع قطع الكهرباء والماء والاتصال، ويصاحب ذلك عمليات اعتقال وخطف لأهل السنة وقصف بالدبابات والمدفعية.
 
هذه نبذة من بعض عمليات الحصار التي مارستها الفرق الباطنية ضد أهل السنة؛ ليعطي فكرة على أن حصار الحوثيين الباطنيين لأهلنا في دماج هو حلقة ضمن حلقات شهدها تاريخ المسلمين الماضي والمعاصر، ويعتبر منهجًا وأسلوبًا يعتمده هؤلاء وخاصة في حالة عدم تمكنهم من اجتياح المكان المستهدف؛ لمنعته أو استبسال أهله في الدفاع عنه.
 
إن هدف الحوثيين الرافضة من حصار قلعة العلم التي أسسها الشيخ مقبل الوادعي-رحمه الله- هو لعدة أسباب منها:
 
1- أن قرب المركز من معقل الزيدية في مدينة صعدة، والتي تسمى كرسي الزيدية يشكل تهديدًا عقائديًّا ومنهجيًّا للروافض؛ فعقيدة أهل السنة الوسطية والتي لا تقدس الأشخاص وتدعو إلى التوحيد، تجد قبولًا لدى العقلاء من الزيدية، وهذا واقع؛ إذ تحول الكثير منهم إلى مذهب أهل السنة والجماعة.
 
2- محاولة السيطرة من قبل الحوثيين على محافظة صعدة، وجعلها منطقة مغلقة على المذهب الرافضي.
 
3- كسر شوكة أهل السنة في دماج، والتي تمثل مكانًا اعتباريًّا لأهل السنة في اليمن؛ وذلك لأنها من تأسيس الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله، والتي تخرج فيها الكثير من علماء السلفية باليمن.
 
4- إزاحة المركز السلفي من دماج يمثل انتصارًا للرافضة وجرعة معنوية لهم، وبالضد فإنه يؤدي إلى الإضعاف المعنوي لأهل السنة.
 
5- السيطرة على تلك المنطقة السنية بالقوة يمثل بداية للاعتداء على مراكز أهل السنة الأخرى، والقريبة من مناطق سيطرة الحوثيين، بل ومناطق تمركز أهل السنة عمومًا.
 
6- إذلال مركز دماج عن طريق اجتياحه-لا قدَّر الله- هو إذلال لأهل السنة في اليمن، بل وفي العالم (وهذا في نظر الحوثيين والرافضة طبعًا).
 
7- توقيت هذا الاعتداء الآن يمثل فرصة نموذجية للحوثيين؛ إذ لا دولة تحكم بالمعنى الصحيح في اليمن، وأهلها مختلفون، والأمور فوضوية.
 
8- يأتي هذا العمل الإجرامي من قبل الحوثيين؛ لصرف الإعلام عن المجازر التي تحصل في سوريا من قبل حلفائهم النصيرية ضد أهل السنة.
 
إن هذا العمل الإجرامي الذي يقوم به الحوثيون المخالف للشريعة الإسلامية، والمخالف لمنهج آل البيت رحمهم الله[9]، بل والمخالف للأعراف العربية اليمنية هو دين عند الحوثيين. فكما هو معلوم فإن الحركة الحوثية التي دربت في إيران، ورضعت من أفكارهم ومبادئهم[10].

والتي تعتبر السني ناصبيًّا حلال الدم والمال وأنجس من الكلاب والخنازير، فقد قال يوسف البحراني في الحدائق الناضرة (10/360): "وإلى هذا القول ذهب أبو الصلاح، وابن إدريس، وسلار، وهو الحق الظاهر بل الصريح من الأخبار لاستفاضتها وتكاثرها بكفر المخالف ونصبه وشركه وحل ماله ودمه.

كما بسطنا عليه الكلام بما لا يحوم حوله شبهة النقض والإبرام في كتاب الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب وما يترتب عليه من المطالب"[11].
 
وقال في (الشهاب الثاقب) ص266، 267: "وحينئذ فبموجب ما دلت عليه هذه الأخبار وصرح به أولئك العلماء الأبرار لو أمكن لأحد اغتيال شيء من نفوس هؤلاء وأموالهم من غير استلزامه لضرر عليه أو على أحد إخوانه، جاز له فيما بينه وبين الله تعالى".

وأفتى مرجعهم الكبير الهالك الخميني في تحرير الوسيلة (1/352) بقوله: "والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منهم وتعلق الخمس به، بل الظاهر جواز أخذ ماله أين وجد وبأي نحو كان ووجوب إخراج خمسه".

ونقل هذه الرواية أيضًا محسن المعلم في كتابه (النصب والنواصب) ص615[12]. ويقول نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية 2/307: "يجوز قتلهم (أي النواصب) واستباحة أموالهم"[13].
 
فالشيعي الذي يقرأ في عقائده وأحكامه أنه مأمور بقتل السني، ولكن يستحسن أن يغرقه في الماء أو يقلب عليه حائطًا؛ حتى لا يدع دليلًا يشهد به عليه كما يقول فقهاؤهم-إذا وجد فرصة يتحالف فيها ولو مع الشيطان لقتل النواصب (أهل السنة)- فإنه سيراها فرصة ذهبية ولن يتوانى، فلا بأس أن يتحالف مع شياطين التتار أو شياطين الصليبيين أو شياطين الأمريكان والإنجليز[14].
 
يقول الشيخ عبد الله الماقاني الملقَّب عندهم بالعلامة الثاني في تنقيح المقال (1/208 باب الفوائد- ط النجف 1952م): "وغاية ما يستفاد من الأخبار جريان حكم الكافر والمشرك في الآخرة على من لم يكن اثني عشريًّا"[15].
 
إن تلك الثقافة المستندة إلى تلك الروايات وغيرها كثير، والتي تربَّى عليها الحوثيون في إيران تمثل منطلقًا ينطلقون منه للفتك بإخواننا في دماج.
 
لقد حاول الكثير من الوجهاء وشيوخ القبائل فك هذا الحصار عن طريق المفاوضات والوصول إلى حلول وسطية ترضي كافة الأطراف، ووافق على تلك المبادرات إخواننا.

ولكن كان الغدر من قبل الحوثيين في كل مرة، فهم يعملون بالقاعدة الشيعية فاوض واذبح، والتي استخدمها إخوانهم في حركة أمل عند حصارهم للمخيمات في بيروت.

حيث كانوا يفاوضون وفي نفس الوقت يقصفون ويعتدون ويجهزون المقاتلين لاجتياح المخيم.

وهذا كله مُوثَّق. وكذلك استعمل تلك القاعدة التيار الصدري حيث كان يفاوض ويمد يد الصلح لإخواننا الفلسطينيين في البلديات وفي جامع القدس بالذات ويكتب معهم المعاهدات، وفي نفس الوقت يذبحهم ويغتالهم في اليد الأخرى.
 
وأكبر شاهد على تلك القاعدة كذلك ما يفعله أسيادهم النصيريون في سوريا، والذين طالما دعموا الحوثيين، فهم يفاوضون الجامعة العربية ويطلبون الحوار مع المعارضة، وفي نفس الوقت يرتكبون المجازر الدموية ضد أهلنا وإخواننا أهل السنة في المدن السورية.
 
إن هذا السرطان الحوثي والرافضي الذي يتمدد في أرض اليمن وفي بقية بلاد السنة يحتاج إلى وقفة جادة من أهل السنة لتدارك أمورهم والحفاظ على عقيدتهم، ولا ينبغي التهاون والتراخي؛ فالرافضة وعلى مدى التاريخ لا يعرفون إلا لغة القوة، فهم يستأسدون إذا كان المقابل ضعيفًا، ويكونون كالنعاج إذا قابلهم غريم قوي.

كما قال الشاعر:

وما الأسد الضِّرغام إلاَّ فريسة *** إذا لم تطل أنيابـه وأظافـرهُ
 
إخواني، قد يكون تسليط الرافضة على تلك الدار فيه خير وإن رآه البعض شرًّا، وكما قال تعالى في حادثة الإفك: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11].
 
وما أحسن ما قال الشاعر:

وإذا أراد اللـه نشـر فضيلـة *** طويت أتاح لها لسـان حسـود

لولا اشتعال النَّار فيما جاورت *** ما كان يعرف طيب عرف العود
 
فكم من المسلمين من لا يعرف شيئًا عن تلك الدار، قد سمع عنها وعن جهودها الخيِّرة بعد تلك المحنة! وفي المقابل كم خسر الحوثيون الذين حرصوا على إظهار أنفسهم بالمظلوم في حروبهم مع الدولة، فقد بانوا على حقيقتهم، وظهر معدنهم الخسيس! فكم من محن تأتي بالمنح، والله ناصر أولياءه.
 
أما بالنسبة لنا نحن المسلمين فلا بد أن نقف وقفة مشرفة لنصرة إخواننا طلبة العلم في قلعة العلم دماج، فهذا من أعظم الحقوق علينا، هذا إذا عرفنا أنهم متفرغون لطلب العلم، ولم يعتدوا على أحد أبدًا؛ إذ إنهم تربوا على مكارم الأخلاق.
 
نسأل الله أن ينصرهم وكافة أهل السنة في كل مكان على أعدائهم من الروافض. اللهم آمين.
 
[1] هذا يذكرنا بصبر الإمام ابن الوزير والصنعاني والشوكاني رحمهم الله ومحنتهم.
[2] هذا يذكرنا كيف يُكرِه أتباع بشار الأسد الناس بالسجود لصورته.
[3] هذا يذكرنا بعدم قدرة إخواننا الفلسطينيين في بغداد على دفن موتاهم في مقبرة الغزالي، والتي تقع في وسط بغداد خشية اختطاف المشيعين من قبل مليشيات جيش المهدي.
[4] من طبيعة الشعب اليمني بكل طوائفه احترام الأعراف وفي أشد الظروف وخاصة التعرض للنساء، ولكن يتبين أن هذه الثقافة قد اكتسبت من إيران.
[5] وهذا ما يفعله النظام النصيري في سوريا الآن حيث يضرب المساجد، كما حرقها ودمرها من قبله جيش المهدي في العراق.
[6] كتاب عودة الصفويين ص42.
[7] ما أشبه اليوم بالبارحة حيث ينزف إخواننا الجرحى في دماج ولا يجدون من يسعفهم.
[8] راجع كتاب: أمل والمخيمات الفلسطينية ص67؛ لترى الأمر المهول الذي حصل لإخواننا الفلسطينيين في تلك المخيمات.
[9] الذين ينتسب إليهم الحوثيون ظلمًا وزورًا.
[10] استطاع الرافضة أن يؤثروا على بدر الدين الحوثي من جوانب عدة لعل أبرزها تلميذه الرافضي الاثنا عشري حسن الصفار زعيم الروافض في المملكة العربية السعودية. والجانب الآخر هو احتضان إيران لبدر الدين الحوثي إثر موقفه المؤيد للانفصال في حرب صيف 1994م، والتي فر بدر الدين الحوثي على إثرها إلى إيران، فوجد ملاذًا آمنًا ودولة تستقبله وتفتح له صدرها، عارضة عليه كل ما تقدر عليه في سبيل نصرته وتبنيه.

فلم يجد بدر الدين ضيرًا من أن يرتمي بأحضان الروافض، لاسيما وقد صنف هذا الكتيب الذي يتحدث عن التقارب بين الزيدية "الجارودية" ولم ير الحوثي كبير فرق، لاسيما وأن الطرفين يتفقان في أبرز العقائد التي تجعلهم في مفترق طريق مع خصومهم من أهل السنة، كسبِّ صحابة النبي صلى الله عليه وسلم والنيل من رواة الحديث، إضافة إلى ما أثبته الحوثي من تقارب في غيرها من العقائد كإنكار رؤية الله عز وجل وغيرها. (موقع الدرر السنية).


[11] من كتاب حتى لا ننخدع.
[12] المصدر السابق.
[13] المصدر السابق.
[14] من كتاب خيانات الشيعة وأثرها في هزائم الأمة.
[15] من كتاب الوشيعة في كشف شنائع عقائد الشيعة.

الكاتب: أحمد محمود الحيفاوي

المصدر: موقع الراصد نت